محكمة العدل الدولية ومجلس الوصاية
أولاً: محكمة العدل الدولية:
1. تشكيل محكمة العدل الدولية:
تُعد
محكمة العدل، ومقرها هاج (The Hague) بهولندا (اُنظر صورة محكمة العدل
الدولية) و(اُنظر صورة مقر محكمة العدل الدولية)، الجهاز القضائي للمنظمة
الدولية، وأحد أهم الأجهزة الرئيسية فيها. وتبرز أهميتها في أنها الأداة
القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وذلك ما نصت عليه المادة (92) "ويُعد
أعضاء "الأمم المتحدة"، بحكم عضويتهم في الهيئة، أطرافاً رئيسية في النظام
الأساسي للمحكمة، ويجوز للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة الانضمام إلى
محكمة العدل الدولية طبقا للشروط التي تحددها الجمعية العامة، وطبقاً
لظروف كل حالة على حدة، وبناءً على توصية مجلس الأمن. كما يجب على كل عضو
من أعضاء الأمم المتحدة أن يقبل، وينفذ حكم محكمة العدل الدولية في أي
قضية يكون طرفاً فيها، طبقاً للمادتين (93 و94) من الميثاق.
2. عضوية محكمة العدل:
تتشكل
هيئة المحكمة من 15 قاضياً مستقلاً. وتقوم الجمعية العامة بانتخابهم من
بين الأشخاص المتمتعين بأخلاق حميدة، والحائزين على درجات أكاديمية في
القانون، تؤهلهم للتعيين في أعلى المناصب القضائية، أو من بين المشرعين
ورجال القانون المشهود لهم بالكفاءة في القانون الدولي. ويكون اختيار
القضاة بغض النظر عن جنسياتهم. ولا يجوز أن يكون ثمة أكثر من قاضٍ واحد،
من دولة واحدة، أعضاء في المحكمة في وقت واحد، وفقاً للمادة (3) الفقرة
(1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية (اُنظر ملحق النظام الأساسي
لمحكمة العدل الدولية).
ويُنتخب أعضاء المحكمة من قِبَل كل من
الجمعية العامة، ومجلس الأمن، كل على حدة، وذلك من بين قائمة تضم أسماء
المرشحين من الشُعب الأهلية في محكمة التحكيم الدائمة.
وللبدء في
اختيار قاضٍ لمحكمة العدل، ينبغي على الأمين العام، قبل ثلاثة أشهر من
موعد الانتخاب، أن يتقدم بطلب كتابي إلى الدول الأعضاء في المحكمة، وإلى
أعضاء الشُعَب الأهلية، يدعوهم إلى ترشيح عدد من رجال القانون المؤهلين،
ليكونوا قضاة في المحكمة، ويستطيعوا تحمل أعباء عضوية المحكمة، طبقاً
للمادة (5) الفقرة (1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، ثم ترفع
هذه القائمة إلى الجمعية العامة، ومجلس الأمن.
ويقوم كل من:
الجمعية العامة، ومجلس الأمن، بانتخاب أعضاء المحكمة من الأشخاص الذين
وردت أسماؤهم في هذه القائمة، بنظام الأغلبية المطلقة. كما يقضي نظام
المحكمة بعدم التفريق بين أصوات الدول؛ الدائمة، وغير الدائمة، عند
التصويت. وتقدر مدة العضوية في محكمة العدل الدولية بتسع سنوات، ويجوز
التجديد بالانتخاب. وضماناً لعدم تغيير القضاة دفعة واحدة، يُقترع على
إنهاء ولاية خمسة قضاة بعد ثلاث سنوات من انتخابهم، ثم إنهاء خمسة قضاة
آخرين بعد ست سنوات، وفقاً للمادة (13) الفقرتين (1 و2) من النظام الأساسي
لمحكمة العدل الدولية.
وتنص المادة (9) من النظام الأساسي، على أنه
يراعى، في الاختيار، أن يكون ممثلاً للمدنيات الكبرى، والنظم القانونية
الرئيسية في العالم، فضلاً عن أن يضم في داخله التمثيل الجغرافي للدول
الأعضاء في الأمم المتحدة، بحيث "ينبغي أن يكون تأليف الهيئة في جملتها
كفيلاً بتمثيل المدنيات الكبرى، والنظم القانونية الرئيسية في العالم"،
وتتمثل في: النظام الأنجلو-سكسوني، والنظام اللاتيني، والشريعة الإسلامية،
والنظام الاشتراكي، ونظام أمريكا اللاتينية وآسيا.
ولا يجوز لقضاة
محكمة العدل الدولية شغل أي مناصب إدارية، أو سياسية، أو أي وظائف عامة في
بلدانهم. كما أنه لا يجوز لهم الاشتراك في فصل أي قضية سبق لهم القيام
بدور في إجراءاتها، قبل انتخابهم قضاة في محكمة العدل الدولية.
3. المتقاضون أمام المحكمة:
وفقاً
للنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن للدول وحدها الحق في أن تتقاضى
أمام المحكمة، ويُعد جميع الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة أطرافاً في
النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بحكم عضويتهم في الهيئة. إلا أنه
وفقاً للمادة (93) الفقرة (2) من الميثاق "يجوز لدولة ليست من الأمم
المتحدة أن تنضم إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، بشروط تحددها
الجمعية العامة لكل حالة بناءً على توصية مجلس الأمن". كما أن الدول، التي
لا تتمتع بعضوية الأمم المتحدة، ولا تشترك في النظام الأساسي للمحكمة،
يجوز لها أن تتقاضى أمام المحكمة، وفقاً للشروط التي يحددها مجلس الأمن.
أما الأفراد، فلا يجوز لهم المثول أمام محكمة العدل الدولية، وتتم حماية
مصالح هؤلاء الأفراد وفقاً لقواعد الحماية الدبلوماسية.
4. التسوية القضائية:
تتميز
التسوية القضائية لأي نزاع دولي بإلزامية الحلول، التي يُتوصل إليها، من
خلال جهاز متخصص ومستقل عن الأطراف المتنازعة، عن طريق التحكيم والقضاء.
وبناءً على هذا، فإن التسوية القضائية تختلف عن الإجراءات الدبلوماسية لحل
النزاعات والتي تتراوح من مفاوضات إلى مساعٍ حميدة ووساطة، أو إنشاء أجهزة
خاصة للتحقيق والتوفيق. وتتميز التسوية القضائية للنزاعات بنفاذية
قراراتها وحلولها، وإلزامياتها لجميع الأطراف المتنازعة. ذلك بأنها تصدر
عن جهاز مستقل. كذلك تتضمن التسوية القضائية إجراء مداولات ومناقشات على
أساس قانوني لتأكيد العدالة بين الأطراف المتنازعة، وضمان الحصول على
الحقوق محل النزاع. وتُعد محكمة العدل هي الجهة القضائية الدولية
الرئيسية، وإن كان هذا لا يمنع من وجود قضاء نوعي أو إقليمي.
5. اختصاصات محكمة العدل الدولية:
نصت
المادة (36) الفقرة (1) من النظام الأسـاسي لمحكمة العدل الدولية على أن
"تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، كما تشمل
جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق "الأمم المتحــدة"، أو في
المعاهدات والاتفاقات المعمول بها"، وعلى هذا يشمل اختصاص المحكمة -وفقاً
لهذا النص- جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، أو جميع المسائل
المنصوص عليها في الميثاق أو المعاهدات والاتفاقيات. وهناك نوعان من
الاختصاصات:
أ. الولاية الاختيارية للمحكمة:
وتكون وفقاً
للنظام الأساسي الذي يشير إلى أن انعقاد ولاية المحكمة يتوقف على رضاء
جميع المتنازعين بعرض هذا النزاع على المحكمة للفصل فيه. فإذا عُدِمَ هذا
التراضي فلا يحق عرض هذا النزاع على المحكمة.
ب. الولاية الإلزامية للمحكمة:
وهي تكون في حالة من الحالات الآتية:
(1)
وجود اتفاقيات عامة بين الطرفين محل النزاع، وتتطلب تحديداً أو تفسيراً،
الأمر الذي يقتضي عرضها على محكمة العدل الدولية لإبداء الرأي.
(2)
قبول الولاية الإلزامية من قِبَل الأطراف المعنية لمحكمة العدل الدولية،
وذلك وفقاً للنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الذي يعطي للدول الأعضاء
الحق بإقرار المحكمة على ولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية
التي تنشأ بينها، وبين دولة تقبل الالتزام نفسه في المسائل القانونية.
وتتضمن هذه المسائل تفسير المعاهدات، أو التحقيق في واقعة من وقائع الخرق
للالتزام الدولي، أو قضايا التعويضات المترتبة على وقائع الخرق.
ويجب ملاحظة أنه سواءً أكانت الولاية اختيارية أم إلزامية، فإنها تعتمد في كلتا الحالتين على قبول الدول التقاضي أمام المحكمة.